الجمعة 28 فبراير 2025 | 11:48 مساءً
رئيس وحدة الدراسات الآسيوية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، الدكتور مصطفى شلش
شهد البيت الأبيض، الجمعة، لقاءً متوتراً بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، انتهى بمغادرة الأخير بشكل مفاجئ قبل الموعد المقرر.
وذكرت وكالة “أسوشيتد برس” أن المحادثات بين الزعيمين في المكتب البيضاوي شابها التوتر، مما دفع ترامب إلى إنهائها مبكراً بعد مواجهة حادة بين الجانبين.
وفي حديث خاص لصحيفة “بلدنا اليوم”، قال الدكتور مصطفى شلش، رئيس وحدة الدراسات الآسيوية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، إن الإدارة الجمهورية الحالية بقيادة دونالد ترامب وصلت إلى السلطة بأغلبية كبيرة، مستفيدة من عدة عوامل، أبرزها التحولات في السياسة الخارجية.
وأوضح شلش أن توسع مجموعة “بريكس” وتعاظم التحالف الروسي الصيني شكلا تهديدًا كبيرًا لتوازن القوى العالمي، خاصة على أطراف أوروبا، مما أثار قلق حلف الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة.
وأضاف أن الإدارة الأميركية الحالية تدرك أن الصين لم تعد المنافس الوحيد، بل انضمت إليها روسيا، إلى جانب دول كالهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، مما يعيد تشكيل الخريطة الاقتصادية والجيوسياسية العالمية.
وأشار شلش إلى أن موقف الولايات المتحدة من القضية الإسرائيلية في محكمة العدل الدولية وعدم خضوعها للضغوط الأميركية زاد من غضب ترامب وإدارته.
وأضاف أن هذا الغضب يعكس رؤية أوسع داخل الدوائر الحاكمة في واشنطن، حيث يشعر صناع القرار الأميركيون بأن الولايات المتحدة تفقد هيمنتها تدريجيًا على المسرح الدولي، وهو ما عبر عنه ترامب خلال المؤتمر الصحفي مع زيلينسكي.
وأكد شلش أن تزايد الدين العام الأميركي، الذي بلغ حوالي 26 تريليون دولار، يعد من القضايا الأساسية التي يحاول ترامب استغلالها في حملته الانتخابية، حيث تعهد بخفض النفقات الحكومية وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين الأميركيين. ولفت إلى أن وقف المساعدات الخارجية، ومنها المساعدات لأوكرانيا التي بلغت 350 مليار دولار، كان أحد الأدوات التي استخدمها ترامب للترويج لسياسته الاقتصادية.
وأشار شلش إلى أن الإدارة الأميركية تدرس مقترحات بديلة لزيادة الإيرادات، مثل منح الجنسية الأميركية مقابل الاستثمار بمبالغ معينة، وهي فكرة تهدف إلى تقليل الدين العام وزيادة الاستثمارات في البلاد.
وأضاف أن ما جرى خلال اللقاء بين ترامب وزيلينسكي لا يتعلق فقط بالخلاف حول اتفاق المعادن، بل يعكس رؤية أوسع للإدارة الأميركية حول دورها العالمي.
وأوضح أن واشنطن باتت تتساءل عن جدوى استمرارها في تحمل أعباء الدفاع عن حلفائها، حيث صرح مايك فانس في لقاء تلفزيوني بأن بعض الدول الأوروبية لم تنفق على جيشها لعقود، بينما كانت الولايات المتحدة تتحمل التكاليف العسكرية نيابة عنها.
وأكد شلش أن إدارة ترامب ترى أن هذه الأعباء لم تعد مقبولة، وتسعى لإعادة التوازن في الإنفاق العسكري والسياسة الخارجية.
وأضاف أن الخلاف مع زيلينسكي يعكس هذه التوجهات، حيث تسعى واشنطن إلى تقليل دعمها لأوكرانيا مقابل الحصول على مكاسب إقتصادية أو تنازلات في ملفات أخرى.
ولفت شلش إلى أن المشهد الفوضوي خلال المؤتمر الصحفي بين ترامب وزيلينسكي يعكس الانقسامات الحادة داخل واشنطن بشأن السياسة الخارجية، حيث يتصارع تياران: أحدهما يسعى لإبقاء الدور القيادي لأميركا عالميًا، والآخر يدفع نحو الانعزالية والعودة إلى سياسة “أميركا أولًا”
وأضاف أن الأسلوب الذي تحدث به ترامب لم يكن دبلوماسيًا، بل حمل طابعًا سوقيًا، مما أظهر حجم التوتر داخل الإدارة الأميركية.
واختتم شلش حديثه بالتأكيد على أن التحولات العميقة التي تشهدها السياسة الأميركية لن تتغير حتى لو عاد الديمقراطيون إلى الحكم، مشيرًا إلى أن الاتجاه نحو تقليل التدخلات الخارجية والتركيز على المصالح الأميركية الداخلية بات توجهًا راسخًا في السياسة الأميركية الحديثة.