الهواتف الذكية.. «أداة تعليمية» محفوفة بالمخاطر – الجريدة

تدرج المدارس الهواتف الذكية ضمن قائمة المحظورات في أروقة الحرم المدرسي، باعتبارها مخالفة طلابية صريحة تعرقل قواعد الانضباط المدرسي.

لكن تنامي الحاجة إلى استخدامها داخل قاعات الدرس، بفضل قدرتها على المساعدة في عملية التعلم، يجعلها تحدياً مستمراً.

ويرى خبراء أن إقصاءها كلياً يحرمهم فرصة الاستفادة منها، لافتين إلى ضرورة أن يكون هناك توازن يتيح الاستفادة من إمكاناتها التعليمية، ويمنع سوء استخدامها.

وقال مديرو مدارس وتربويون ومعلمون لـ«الإمارات اليوم» إن الواقع المدرسي يشهد تنامياً في استخدام الهواتف الذكية داخل الفصول الدراسية، لاسيما من طلاب المرحلة الثانوية، ما أفرز مشكلات متعددة تخالف اللوائح المدرسية، وتؤثر سلباً في البيئة التعليمية والانضباط والتحصيل العلمي.

ويرى ذوو طلبة أن الهواتف ضرورة في حياة أبنائهم للتعليم والتواصل، لكنهم وافقوا الآراء التي تؤيد وجود رقابة صارمة على استخدامها داخل المدارس.

وتفصيلاً، قال الخبير التربوي، الدكتور عطا عبدالرحيم: «لم يكن الظهور الأول للهواتف الذكية في المدارس مصحوباً بكثير من الرفض، إذ نظر إليها معلمون وإداريون كأداة تعليمية جديدة، يمكن أن تسهم في دعم المناهج الدراسية، وبدأت بعض المدارس في تبني هذه الأجهزة كجزء من استراتيجيات التعلم الرقمي، حيث يُستفاد منها في البحث على الإنترنت، وتطبيقات التعليم التفاعلية، والتواصل مع المعلمين والزملاء. ومع ذلك، ظهرت مخاوف كثيرة حيال استخدامها غير المنضبط في الفصول الدراسية».

وأضاف أن «الهواتف الذكية تغزو جميع جوانب حياتنا اليومية، وباتت تُشكّل تحدياً كبيراً لإدارات المدارس والمعلمين، حيث تؤثر تجاوزات الطلبة سلباً في الانضباط الذي يعد أساس العملية التربوية».

وأفاد بأن «الهاتف الذكي يمكن أن يسهم في تطوير التعليم، إذا تم توجيه استخدامه بشكل صحيح داخل البيئة التعليمية، لكن عندما يُترك للطلاب استخدامه دون قيود، يصبح أداة للإلهاء أكثر من كونه أداة تعلم».

وتوقع أن تشهد المدارس مزيداً من التعاون مع شركات التكنولوجيا لتطوير حلول تحدّ من الأضرار المحتملة لاستخدام الهواتف الذكية في المستقبل القريب، ومن الممكن أن تصبح الهواتف الذكية جزءاً من المنهج الدراسي بشكل منظم، ما يضمن استفادة الطلاب منها دون التأثير في انضباطهم وتركيزهم.

وقال تربويون إن السماح للطلاب باستخدام هواتفهم لأداء الواجبات والأنشطة التفاعلية في الفصول الدراسية، يمكن أن يزيد بشكل كبير من المشاركة، ويبقي الطلاب منخرطين في عملية التعلم، كما يمكن للهواتف المحمولة أن تكون الوسيلة التي يجمع بها الطلاب المعلومات ويتواصلون مع المعلمين ويتعاونون مع أقرانهم، وأضافوا أن استخدام التطبيقات التعليمية يوفر إطارا للمعلمين لدمج التكنولوجيا بشكل فعال وتسهيل فهم أعمق لموضوع الدرس، وأوضحوا أنه من خلال دمج الهواتف في عملية التعلم، يمكن للطلاب الوصول إلى ثروة من الموارد والمشاركة في تجارب تعليمية متخصصة.

وأكدوا أن الهواتف الذكية في المدارس لاتزال تمثل مخالفة لقواعد الانضباط المدرسي، إذ أدرجتها المدارس ضمن قائمة المحظورات، ويتم تحذير الطلبة من استخدامها داخل قاعات الدراسة أو في أوقات النشاط المدرسي.

وشددوا على ضرورة التوازن بين الاستفادة من الهواتف الذكية، من دون ترك مجال أمام الطلبة لاستخدامها في ما يشوش عليهم.

وأكدت مديرة مدرسة، فاطمة علي، أن «الهواتف الذكية تُعد مخالفة صريحة في المدارس، وعلى الرغم من الجهود المبذولة للحد من استخدامها، لايزال العديد من الطلاب يتجاوزون القواعد، ما ينعكس سلباً على البيئة التعليمية، ويؤدي إلى تشتت انتباههم، وتواضع تحصيلهم الدراسي، وبالتالي تدني مستواهم العلمي».

وقال المعلمون: إبراهيم القباني وأسامة جابر وعبدالله حمدان: «نواجه صعوبات كبيرة في مراقبة الامتحانات بسبب استخدام بعض الطلبة الهواتف الذكية التي أصبحت وسيلة للغش».

وأوضحوا: «تعتمد مدارس على أنظمة ذكية للحد من استخدام الهواتف، حيث يتم جمعها في صناديق مخصصة مع بداية اليوم الدراسي وإعادتها للطلاب عند انتهائه، كما تُطبق برامج توعية لتعزيز الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا، وتُستخدم برامج مراقبة إلكترونية داخل الفصول، تتيح للمعلمين الإشراف على الأجهزة وضمان توظيفها للأغراض التعليمية فقط».

ويؤكد ذوو طلبة ضرورة الرقابة الصارمة على استخدام الهواتف الذكية داخل المدارس، رغم أهميتها في حالات الطوارئ.

وشرحت هالة بدران، وهي أمّ لثلاثة طلاب، أن «الهواتف تؤثر سلباً في تركيز الطلاب، ما يستدعي تنظيم استخدامها خلال الحصص»، بينما يرفض أحمد سعيد، وهو أب لطالبتين، السماح باستخدامها رفضاً تاماً، مشيراً إلى دورها في تراجع الانضباط وضعف الالتزام بالقواعد، ما يستوجب إجراءات أكثر صرامة للحفاظ على البيئة التعليمية.

من جانبها، حذّرت الخبيرة في علم النفس التربوي، الدكتورة إيمان محمد، من تأثير الاستخدام المفرط للهواتف الذكية داخل الفصول الدراسية، مشيرة إلى أنها «تقلل تركيز الطلاب، وتضعف مهاراتهم الإدراكية».

وأوضحت أن التعرض المستمر للمشتتات الرقمية يؤثر سلباً في قدرة الدماغ على معالجة المعلومات، ما يؤدي إلى ضعف الذاكرة قصيرة المدى، ويعيق استيعاب المفاهيم الدراسية.

وأكدت ضرورة فرض ضوابط صارمة على استخدام الهواتف في المدارس، مع تعزيز وعي الطلاب بأهمية إدارة وقتهم للحفاظ على توازنهم الأكاديمي والنفسي.


سلبيات

 

 

يمكن استخدام الهواتف المحمولة كأدوات تعليمية، إلا أن التأكد من أن الطلاب يستخدمونها في المهام المتعلقة بالمدرسة يمثل تحدياً، إذ يمكن أن يتحول الهاتف المحمول بسهولة من «أداة تعليم في الفصل الدراسي» إلى «تعطيل الفصل الدراسي»، وأبرز سلبيات السماح بالهواتف المحمولة في المدرسة:

– عندما يستخدم الطلاب هواتفهم المحمولة للتحقق من وسائل التواصل الاجتماعي، وإرسال رسائل نصية إلى أصدقائهم في الفصل، فإن هذا يؤدي إلى تشتيت انتباههم وانتباه أقرانهم.

– يمكن أن يحدث اضطرابات في الفصل الدراسي، خصوصاً إذا طالب المعلم طلابه بإيقاف تشغيل أجهزتهم.

– يمكن أن تؤدي الهواتف المحمولة إلى زيادة مشكلات التنمر في المدرسة.

دراسات حديثة

أظهرت دراسات حديثة، أجريت في الولايات المتحدة الأميركية، أن «المدارس التي حظرت استخدام الهواتف الذكية داخل الفصول، شهدت تحسناً ملحوظاً في مستويات التركيز والتحصيل الأكاديمي لدى الطلبة».

في المقابل، شهدت المدارس التي تسمح باستخدام الهواتف زيادة في حالات التسرب الدراسي نتيجة الانشغال بالهواتف.

close