نموذجان نقابيان بالتعليم الأساسي اللبناني

يُشكّل قطاع التعليم الأساسي الرسمي في لبنان ساحة صراعٍ بين نموذجين نقابيين مختلفين: “رابطة الأساتذة المتعاقدين” و”رابطة معلمي التعليم الأساسي” المدعومة من “لجنة الأساتذة المتعاقدين”. يتمثل الأول في 80% من الهيئة التعليمية، فيما يمثل الثاني 20% من الأساتذة المثبتين. بين النموذجين تناقضات واضحة، حيث يعاني المتعاقدون من ظروف عمل هشة وأجور متدنية، بينما يتمتع المثبتون بحقوق كاملة. هذا الصراع يعكس تمزقًا في النضال النقابي ويتأثر بالسياسة اللبنانية المعقدة.

النموذجان النقابيان: خلفية وصراعات

تمثل “رابطة الأساتذة المتعاقدين” غالبية المعلمين في التعليم الأساسي، إذ تشكل 80% من الهيئة التعليمية. تم تأسيسها بعد نضال طويل من أجل الاعتراف بشرعيتها، رغم التحديات السياسية والإدارية. من جهة أخرى، تجمع “رابطة معلمي التعليم الأساسي” الأساتذة المثبتين، الذين يشكلون 20% فقط من القطاع. هذه الرابطة تحظى بشرعية منذ عام 2009، لكنها تتهم بالانحياز السياسي وعدم الاهتمام الكافي بحقوق المتعاقدين.

التحديات التي يواجهها الأساتذة المتعاقدون

يعاني الأساتذة المتعاقدون من تحديات كبيرة، منها:

  • ظروف عمل غير مستقرة.
  • أجور متدنية مقارنة بزملائهم المثبتين.
  • غياب التقديمات الاجتماعية.

لذا، أسّست “رابطة المتعاقدين” لتمثيلهم، وحققت بعض المكاسب عبر الإضرابات والاعتصامات، لكنها لا تزال تواجه مقاومة من الجهات السياسية.

النضال النقابي وتأثير السياسة

يتأثر النضال النقابي في لبنان بالسياسة بشكل كبير. “رابطة الملاك” و”لجنة المتعاقدين” مرتبطتان بالأحزاب السياسية، مما يحدّ من استقلاليتهما. في المقابل، تؤكد “رابطة المتعاقدين” على استقلاليتها، رغم تجميعها لأساتذة من مختلف الطوائف والمناطق. هذا الانقسام يعكس التحديات التي يواجهها النضال النقابي في ظل انقسامات سياسية عميقة.

الاختلافات في طرق الضغط

تختلف أساليب الضغط بين النموذجين. فبينما يمكن للأساتذة المثبتين الإضراب دون خسارة أجورهم، يتحمل المتعاقدون تكاليف باهظة، بما في ذلك خسارة الأجر وحتى الوظيفة. هذا يجعل النضال بالنسبة لهم أكثر خطورة وتحديًا.

المستقبل: وحدة أم انقسام؟

يبقى السؤال المطروح هو إمكانية توحيد العمل النقابي في قطاع التعليم. مع تراجع عدد الأساتذة المثبتين وازدياد نسبة المتعاقدين، قد تكون الحركة نحو “رابطة المتعاقدين” هي الحل الأمثل للحفاظ على النضال المستقل ومصالح جميع الأساتذة.

في النهاية، يظل الصراع بين النموذجين النقابيين انعكاسًا للتحديات التي يواجهها التعليم في لبنان، حيث تتقاطع السياسة مع حقوق العمال، مما يستدعي حلولاً جذرية لضمان مستقبل أفضل للقطاع التعليمي.

close