إصلاح النظام المالي لعدالة الدول النامية.

شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في حوار رفيع المستوى نظمته مؤسسة Africa Political Outlook، والذي ناقش إعادة تعريف التعاون متعدد الأطراف في نظام عالمي شامل. الحسلاشهد العالم تغيرات كبيرة في موازين القوى الاقتصادية، حيث تبرز اقتصادات الجنوب كقوى فاعلة تدفع نحو إصلاح الهياكل العالمية التقليدية. ومع ذلك، لا تزال الفجوات الهيكلية في النظام المالي الدولي تشكل تحديات كبيرة للدول النامية، مما يؤثر على قدرتها على تحقيق التنمية المستدامة.

تغييرات موازين القوى العالمية

أكدت الدكتورة رانيا المشاط أن الهياكل التقليدية للحوكمة العالمية لم تعد تعكس واقع اليوم، مشيرة إلى أن صعود دول الجنوب ليس مجرد ظاهرة عابرة بل تحول هيكلي. بحلول عام 2025، ستشكل هذه الاقتصادات الناشئة 44% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ومع ذلك، لم يواكب هذا التغير تحول مماثل في هياكل الحوكمة العالمية، مما يستدعي إصلاحات جذرية.

الفجوة في النظام المالي الدولي

أشارت المشاط إلى أن الدول النامية تشكل 75% من أعضاء البنك الدولي للإنشاء والتعمير، لكنها لا تملك سوى حوالي 40% من حقوق التصويت. في صندوق النقد الدولي، تمثل هذه الدول 75% من العضوية، لكنها لا تحظى سوى بـ 37% من حقوق التصويت. هذه الفجوات ليست مجرد أرقام، بل هي واقع ملموس يعيق قدرة هذه الدول على التأثير في القرارات العالمية.

التحديات الاقتصادية في أفريقيا

رغم النمو السريع لاقتصادات الدول النامية، وخاصة في أفريقيا، تظل هناك تحديات كبيرة تعيق التنمية المستدامة:

  • تكلفة رأس المال المرتفعة مقارنة بالدول المتقدمة.
  • فجوات هيكلية في آليات التمويل والاستثمار.
  • انعدام التوازن في النظام المالي العالمي.

هذه العوامل تعمق فجوة الفقر وعدم المساواة، مما يحد من قدرة هذه الدول على تنفيذ مشاريع تنموية كبرى.

إصلاح المؤسسات المالية الدولية

أكدت المشاط على الحاجة إلى مؤسسات مالية دولية تعمل بشكل عادل لجميع الدول، وليس فقط دول الشمال. على الرغم من التعديلات الأخيرة في هياكل التصويت التي أعلنتها بعض المؤسسات المالية، لا تزال هذه الخطوات غير كافية لتحقيق التوازن المطلوب. يجب أن تعكس هذه المؤسسات احتياجات الدول النامية وتضمن لها صوتًا مؤثرًا في صنع القرار.

دور مصر في دعم التمويل العادل

استعرضت الوزيرة دور مصر في المساهمة الفعالة في المحادثات العالمية حول التمويل العادل. من خلال تقديم دليل شرم الشيخ للتمويل العادل خلال رئاستها لمؤتمر الأطراف COP27، قدمت مصر حلولًا عملية للتغلب على الحواجز التي تعيق الاستثمارات الخاصة في الدول النامية. هذا الدليل يهدف إلى سد فجوة المعلومات وتقليل المخاطر المرتبطة بالاستثمارات في مجالات حيوية مثل التغير المناخي.

خطوات نحو مستقبل أكثر عدالة

ختامًا، شددت المشاط على أهمية الإصلاحات الهيكلية في المؤسسات المالية الدولية لضمان عدالة أكبر في النظام العالمي. مع تزايد تأثير اقتصادات الجنوب، يجب أن تواكب هذه التغيرات إصلاحات حقيقية تعكس احتياجات جميع الدول، وتعزز التعاون الدولي لتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاقتصادية.

close