موائد الرحمن تزين شوارع مصر رمضانياً

شهر رمضان في مصر يجسد قيم المحبة والألفة، حيث تبرز المواكب الدينية وحلقات القرآن كأبرز مظاهره. تزدان المساجد بالزينة، وتنتشر “موائد الرحمن” الخيرية التي تقدم الطعام للصائمين، خاصة الفقراء وعابري السبيل. تُعَد هذه العادات جزءًا لا يتجزأ من التراث الإسلامي المصري، وتعكس روح التكافل الاجتماعي التي تميز الشهر الفضيل.

الاحتفالات وروح التآخي

تتحول شوارع مصر خلال رمضان إلى مسرح للتراحم والتآخي. يحرص الناس على دعوة عابري السبيل للإفطار معهم، كما تنتشر الاحتفالات الدينية في القاهرة، حيث تُقام حلقات الوعظ والدروس في المساجد. هذه المظاهر تعكس قيم التسامح والتعاون التي تميز المجتمع المصري خلال هذا الشهر المبارك.

تاريخ موائد الرحمن

تعود فكرة موائد الرحمن إلى العصر الفاطمي، حيث كان الخليفة العزيز بالله الفاطمي أول من أطلق هذه المبادرة. كانت المائدة تقام في جامع عمرو بن العاص، وتقدم وجبات الإفطار للصائمين. تشمل هذه المائدة:

  • أطباق متنوعة من الطعام.
  • حلقات تلاوة القرآن والذكر.
  • توزيع الطعام حتى وقت السحور.

كان مطبخ القصر الفاطمي يخرج يوميًا أكثر من 1100 قدر من الطعام، مما يدل على مدى اهتمام الدولة برعاية الفقراء والمحتاجين.

تطور المبادرة عبر الزمن

مع مرور الوقت، انتشرت موائد الرحمن بين الحكام والأمراء، مما أدى إلى تخصيص أوقاف خيرية لضمان استمرارها. لم تكن هذه المائدة مقتصرة على شهر رمضان، بل امتدت لتشمل الأعياد والمناسبات الدينية الأخرى. تحولت الفكرة من مجرد مائدة إلى نظام يدعم المجتمع بشكل مستمر.

قيم التكافل الاجتماعي

لم تكتف موائد الرحمن بتقديم الطعام، بل شملت أيضًا توزيع الهدايا والاحتياجات الأساسية للفقراء. في عيد الفطر، كان يتم توزيع الكعك والتمر والبندق، مما يعكس قيمة التكافل الاجتماعي التي تسود خلال الشهر الفضيل. هذه العادات تظل رمزًا للتراحم والتعاون في المجتمع المصري.

إرث مستمر يعكس الهوية

موائد الرحمن ليست مجرد عادة رمضانية، بل هي إرث إنساني يعكس الهوية الإسلامية المصرية. تُعد هذه المائدة مثالًا حيًا على كيفية تحويل القيم الدينية إلى ممارسات اجتماعية تعود بالنفع على الجميع. بهذا الشكل، تظل موائد الرحمن رمزًا للعطاء والتآخي الذي يميز شهر رمضان في مصر.

close