«المحيبس» تبث البهجة في أمسيات رمضان.

في أمسيات رمضان في بغداد، تتحول الملاعب إلى منصات للحماس والفرح مع لعبة “المحيبس”، التّقليد التراثي الذي يعود تاريخه إلى العهد العثماني. تجمع هذه اللعبة بين الفِرَق من مختلف مناطق العراق، حيث يتنافس اللاعبون لإخفاء “المحبس” أو الخاتم، وتكتشف الفِرَق الأخرى حامله باستخدام الفراسة والذكاء. تعكس “المحيبس” روح الوحدة والبهجة التي تميّز الشهر الفضيل.

تاريخ وأهمية المحيبس

تعود لعبة “المحيبس” إلى القرن السادس عشر، وتحديداً خلال الاحتلال العثماني للعراق. تُعتبر واحدة من أبرز التقاليد الشعبية التي تجمع العراقيين في شهر رمضان. بحسب الباحث في التراث العراقي، عادل العرداوي، فإن هذه اللعبة تلعب دوراً اجتماعياً مهماً في طي الخلافات بين المناطق وتعزيز الروابط.

قواعد اللعبة وآلية التنافس

تقوم “المحيبس” على إخفاء خاتم داخل يد أحد اللاعبين، بينما يحاول الفريق المنافس اكتشاف الحامل خلال عشر دقائق فقط. الفريق الذي ينجح في الكشف يكسب النقطة. يتميز التنافس بالحماس الشديد، حيث تختلط أصوات الطبول والأبواق بهتافات المشجعين الذين يجتمعون لدعم فرقهم.

  • تضم الفِرق 45 لاعباً أو أكثر.
  • الوقت المحدد للكشف عن المحبس هو 10 دقائق.
  • تُعتبر الفرصة الوحيدة للفريق المنافس لتحقيق النقطة.

دور اللعبة في تعزيز الروابط

تُعد “المحيبس” أكثر من مجرد لعبة؛ فهي رمز للتراث العراقي ووسيلة لتوحيد الناس. يقول جاسم الأسود، رئيس اتحاد المحيبس، إنها “لعبة أجدادنا التي توحد كل العراقيين”. كما تؤكد مشاركة مئات الفِرق من مختلف المحافظات على دورها في تعزيز الانسجام الاجتماعي.

المحيبس بين الماضي والحاضر

على الرغم من تغيّر الأزمنة، إلا أن “المحيبس” لا تزال تحتفظ بمكانتها في قلوب العراقيين. يشارك اليوم نحو 400 فريق في المنافسات، ويصل 40 فريقاً إلى التصفيات النهائية. تأمل الأجيال الجديدة في نقل هذه اللعبة إلى العالم، كما فعلت البرازيل مع كرة القدم.

شهادة اللاعبين

يقول باقر الكاظمي، لاعب من فريق الكاظمية: “العراقيون يحبون كرة القدم، لكن المحيبس تأتي في المرتبة الثانية”. بينما يُشير أحمد المعلا، رئيس فريق البصرة، إلى أن هذه اللعبة ستُخلد في التاريخ لجماهيرها الكبيرة. يؤكد أبوالحسن الوجاني، لاعب من الناصرية، أن المحيبس “لعبتنا التراثية التي سنحافظ عليها”.

تُظهِر “المحيبس” كيف يمكن للتراث أن يكون جسراً بين الماضي والحاضر، حيث تجمع بين الأجيال وتخلق أجواءً من الفرح والتآلف يختص بها شهر رمضان في العراق.

close