الأزهر الفائز برمضان

استطاع الأزهر خلال شهر رمضان أن يخطف أبصار المسلمين بجهوده المميزة في ظل غياب الجدية في كثير من المؤسسات. من خلال إفطارات جماعية وأصوات قرآنية جديدة، أثبت الأزهر أنه قادر على إبراز المواهب ودعمها. تجربة هذا العام كانت استثنائية، حيث قدم أصواتًا شابة تتلو القرآن بإتقان وخشوع، ما أعاد للأذهان ثراء مصر بالمواهب وقدرتها على التميز رغم التحديات.

تجربة صوتية مميزة في الأزهر

اختار الأزهر هذا العام قراء شبابًا موهوبين لتلاوة القرآن خلال صلاة التراويح، منهم الطالب محمد أحمد حسن، الذي تحدى إعاقته ليصبح إمامًا مؤثرًا. جاء محمد من معهد أبوقير الثانوي الأزهري، وأذهل المصلين بأدائه الرائع وقراءته برواية قنبل عن ابن كثير المكي. قصته كانت مصدر إلهام للكثيرين، خاصة بعد انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي.

مسيرة محمد أحمد حسن الملهمة

بدأ محمد رحلته مع القرآن في معاهد الأزهر بالإسكندرية، وتلقى تدريبه في إدارة شؤون القرآن بالأزهر. تميز منذ صغره بحفظه المتقن وأدائه المميز، مما أهّله للمشاركة في مسابقات قرآنية مرموقة. في عام 2023، فاز بالمركز الأول في مسابقة شيخ الأزهر لحفظ القرآن، وهي إحدى أقدم المسابقات التي ينظمها الأزهر سنويًا. هذا الإنجاز كان دليلًا على مثابرته وإصراره.

إنجازات متواصلة وتألق مستمر

لم يتوقف محمد عند هذا الحد، بل واصل تألقه بفوزه بالمركز الأول في فئة أصحاب الهمم بمسابقة “تحدي القراءة العربي” عام 2024، متفوقًا على 39 ألف مشارك من الدول العربية. هذا الإنجاز عكس إصراره على التفوق في حفظ القرآن وفي ميدان المعرفة. في عام 2025، تم اختياره لإمامة صلاة التراويح في الجامع الأزهر، ما شكل تكريمًا لجهوده وإضافة إلى مسيرته الحافلة.

دور الأزهر في إعادة الأمل

أثبت الأزهر خلال السنوات الأخيرة أنه مؤسسة قادرة على إبراز المواهب ودعمها، خاصة في ظل تراجع دور العديد من المؤسسات الثقافية والتعليمية في مصر. بينما غابت وزارة الثقافة عن تقديم أجيال جديدة من المثقفين، أصبح الأزهر ملاذًا للطبقات الوسطى والفقيرة، حيث يقدم تعليمًا جادًا ورعاية للمواهب دون تكلفة باهظة.

غياب المؤسسات الأخرى

في المقابل، لم تقدم الجامعات المصرية برامج جادة لرعاية المواهب أو البحث العلمي. حتى جامعة القاهرة، التي كانت في الماضي تصدر سلاسل علمية مرموقة، لم تعد تقدم حراكًا فكريًا أو علميًا يستحق المتابعة. هذا التراجع في دور المؤسسات التعليمية والثقافية يبرز أهمية عودة الأزهر كرائد في مجال التعليم والتدريب.

الأزهر وصناعة المستقبل

من خلال برامجه المميزة ودعمه للمواهب، يعيد الأزهر الأمل في مستقبل أفضل للتعليم والثقافة في مصر. أداؤه خلال شهر رمضان كان نموذجًا لما يمكن أن تقدمه المؤسسات الوطنية إذا ما أولت الجدية اهتمامًا كبيرًا. الأزهر يثبت أن العمل الجاد يمكن أن يحقق نتائج ملموسة، ويعيد الثقة في قدرة مصر على إنتاج المواهب وإبرازها على الساحة العالمية.

close