الاحد 09 مارس 2025 | 05:52 صباحاً
مساجد مدينة فوة
رغم تميّز محافظة كفر الشيخ من حيث الموقع والقيمة التاريخية والحضارية، وما تمثله من تراث وثروات طبيعية وإنتاجية، فإن مدينة فوة تبقى في الصدارة، فهي بلد المساجد والمتاحف، وموطن الصناعة والتجارة. لذا، ليس غريبًا أن تكون ضمن أهم المدن المرشحة للانضمام إلى منظمة “اليونسكو” للمدن الأكثر إبداعًا.
تطل مدينة فوة على نهر النيل، وتربط بين محافظة كفر الشيخ ومحافظة البحيرة من الناحية الغربية، كما تربط بين مركزي مطوبس ودسوق شمالًا وجنوبًا، مما أكسبها موقعًا جغرافيًا مميزًا داخل المحافظة. وقد اشتهرت عالميًا بصناعة السجاد والكليم، وتميزت تاريخيًا بأماكنها الأثرية ومزاراتها السياحية.
من الناحية التاريخية
لُقِّبت مدينة فوة بـ”مدينة المساجد”، حيث بلغ عدد مساجدها ومزاراتها الإسلامية 365 مسجدًا ومزارًا، مما جعلها في طليعة المدن العالمية التي تضم آثارًا إسلامية، فاحتلت المركز الرابع عالميًا. كما كانت موطنًا لرواد الطرق الصوفية الذين أُطلقت أسماؤهم على أهم مساجدها، مثل مسجد القنائي، نسبة إلى الشيخ عبد الرحيم القنائي، ومسجد الكورانية، نسبة إلى الشيخ أحمد محيي الدين الكوراني، وغيرهما من المساجد التاريخية التي ارتبطت بأسماء مشايخ الصوفية. وكان هؤلاء المشايخ يستقبلون الطلاب من كل مكان ليتعلموا على أيديهم. ويرجع ذلك أيضًا إلى حدودها الشرقية مع مدينة سيدي سالم، التي كانت قبلةً لرواد الصوفية الذين قصدوا شيخهم سيدي سالم أبو النجا، وقيل إن اسمه سالم جبارة، حتى أصبحت فوة وجهةً للسياحة الدينية.
من الناحية الصناعية
تميزت مدينة فوة بالحرف اليدوية، واشتهرت عالميًا، خاصة في أوروبا وأمريكا، بصناعة الكليم والسجاد والطرابيش. ورغم ذلك، حافظت على هويتها في الصناعة، إذ كانت تعبر عن تاريخ مصر وهويتها الإسلامية من خلال الرسومات والأشكال التي تُزين منتجاتها، ما منحها طابعًا خاصًا وجاذبًا لدول العالم، وميز صناعتها عن غيرها في هذا المجال.
لم يكن هذا التاريخ العريق وليد اللحظة أو حتى أحد العهود القريبة، بل تعود جذوره إلى العصر الإسلامي القديم. وقد ازدهر الجانب الصناعي في عهد محمد علي، مرورًا بمراحل مختلفة، حتى بادرت الدولة بإعادته إلى الساحة من خلال اهتمامها بالمدن السياحية والصناعة المحلية. ونتيجة لهذه الجهود، أصبحت مدينة فوة من أهم المدن المرشحة للانضمام إلى منظمة الأمم المتحدة للمدن الأكثر إبداعًا في العالم، الأمر الذي دفع كافة الجهات إلى العمل بكامل طاقاتها لتطوير المدينة، وتحسين مظهرها الجمالي، وإعادة تأهيل بنيتها التحتية، وترميم مداخلها وتزيينها، فضلًا عن تذليل العقبات التي تواجه صناعتها، تمهيدًا لإعلانها رسميًا مدينة ذات طابع خاص.
من جانبه، قال اللواء علاء عبد المعطي، محافظ كفر الشيخ، إن قيمة مدينة فوه ودورها الفعّال في التنمية المستدامة وتميّزها الثقافي، هو ما وضعها في هذه المكانة، مؤكدًا قيمتها التاريخية في نشر الهوية البصرية المصرية عالميًا من خلال صناعتها.
وأضاف المحافظ، أنه تم التقدّم بملف ترشيح مدينة فوه لعضوية منظمة “اليونسكو” للمدن الإبداعية في مجال الحرف اليدوية، نظرًا لدورها في الحفاظ على التراث، الذي تمثل محافظة كفر الشيخ جزءًا كبيرًا منه.
وأوضح “عبد المعطي”، أنه تم تشكيل لجان مختصة بحصر المباني ذات الطابع التاريخي في المدينة، والعمل على تطوير الميادين والساحات، إلى جانب حصر الحرف اليدوية المختلفة، مشيرًا إلى وجود صناعات يدوية متميزة أخرى داخل مدينة فوة، وليس صناعة السجاد والكليم فقط، وقد برزت هذه الحرف بشكل فعّال في معرض “أيادي مصر”، الذي استضافته المحافظة.
كما أعلن الدكتور عمرو البشبيشي، نائب محافظ كفر الشيخ، موافقة الجهات المعنية على مقترح تحويل مدينة فوه إلى مدينة ذات طابع خاص، بعد ترشحها لمسابقة المدن الأكثر إبداعًا.
جدير بالذكر أن هذا المقترح كانت قد تقدمت به النائبة هالة أبو السعد منذ عام 2017، وتمت الموافقة عليه، لكنه لم يُنفَّذ آنذاك، حتى أعلن محافظ كفر الشيخ البدء في تنفيذه نهاية الأسبوع الماضي.