أكد فضيلة الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، في كلمة له اليوم السبت بدرس التراويح بالجامع الأزهر، أن لشهر رمضان مكانة عظيمة عند الله تعالى، حيث اختصه بخصوصية فريدة، ورفع شأنه، وجعله عبادة خالصة له، كما جاء في الحديث القدسي: “كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به”. فالصيام عبادة سرية بين العبد وربه، لا يطلع عليها أحد، مما يزيد من أجرها ومكانتها عند الله.
وأوضح فضيلته خلال كلمته أن من أعظم النعم الإلهية التي اختص بها هذا الشهر المبارك نزول القرآن الكريم، الذي جاء بالهداية والنور، فأخرج الناس من الظلمات إلى النور، وكان شفاءً لما في الصدور. ولذا، كان شكر هذه النعمة العظيمة بالصيام، فجعل الله سبحانه وتعالى فرضية صيام رمضان مقترنة بنزول القرآن، فقال: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾.
وأشار فضيلته إلى أن شهر رمضان لم يكن شهر صيام وعبادة فقط، بل كان شهر نصر وعزة للإسلام والمسلمين قديما وحديثا، حيث وقعت فيه أعظم الانتصارات في التاريخ الإسلامي، فقد انتصر المسلمون في غزوة بدر الكبرى، وهي أول لقاء مسلح بين جند الحق وجند الباطل، رغم قلة عددهم وضعف عتادهم، إلا أن الله نصرهم بإيمانهم وتوكلهم عليه، واستجابتهم لأوامره. وقد صور الله هذا الموقف في قوله: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ﴾ [الأنفال: 9]، فأمدهم بالملائكة، وكان النصر حليفهم.
وتابع فضيلته أن شهر رمضان شهد كذلك فتح مكة، الذي كان فتحًا مبينًا للإسلام، ونصرًا عظيمًا أزال به الله الشرك عن بيته الحرام، ورفع به راية التوحيد عالية خفاقة، فهذا الشهر شهر الانتصارات بحق، وشهر السلام والإيمان، وفيه ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، والتي وصفها الله بقوله: ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾.
وفي ختام درسه، دعا فضيلته المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى أن يكونوا على قلب رجل واحد، وأن يتضرعوا إلى الله الواحد الأحد، سائلين إياه أن يكشف الغمة عن الأمة، وينصر المسلمين، ويرفع راية الإسلام، وأن يرد كيد الكائدين، ويحفظ البلاد من كل معتدٍ آثم، وأن يجعله شهر نصر وعزة وتمكين لأمتنا الإسلامية.