«الظفرة البحري» يُعيد النوخذة يوسف العلي إلى أيام شبابه – الجريدة

في مشهد أشبه بالعودة إلى زمن الأجداد، حيث كان البحر مصدر الحياة والرزق، وقف النوخذة يوسف أحمد العلي، صاحب الخبرة التي امتدت لأكثر من 65 عاماً، مستعيداً ذكريات البحر في «مهرجان الظفرة البحري»، وبين صوت الأمواج ورائحة البحر، التف الزوار حوله، متعطشين لمعرفة أسرار الصيد والغوص التي شكلت جزءاً أصيلاً من تراث المنطقة.

الغوص في التاريخ

ولم تكن مشاركة النوخذة يوسف مجرد حديث عن الماضي، بل كانت رحلة حقيقية في ذاكرة البحر، حيث مزج بين السرد التاريخي والتجربة العملية، ليجعل الجمهور يعيش لحظات شبيهة بتلك التي عاشها البحارة القدامى. وبخبرة نوخذة قديم عاصر أجيالاً من الصيادين والغواصين، قدم يوسف ورشاً تطبيقية فريدة تفاعل معها الحضور بحماسة، ليكشف لهم عن خبايا الصيد وأساليب الغوص التقليدية التي استُخدمت على مدار قرون.

أسرار الصيد البحري

كان البحر مصدر الرزق الأول لأهل المنطقة، ولذلك اعتمد الصيادون قديماً على أدوات صيد متنوعة، تناقلوها عبر الأجيال، ومن أبرزها القَرْقور وهي مصيدة حديدية ضخمة تُستخدم لاصطياد الأسماك الكبيرة، حيث يُوضع الطُعم بداخلها لتدخل الأسماك ولا تخرج، والليخ وهو عبارة عن شبكة صيد تُرمى في الماء بحرفية عالية، تُظهر مهارة وخبرة الصيادين، إلى جانب الحضرة وهي مصيدة ثابتة تُوضع بالقرب من الشاطئ، تعمل وفق نظام المد والجزر لاحتجاز الأسماك والعديد من الأدوات القديمة.

كنز الأجداد المخفي

لم يكن الغوص مجرد مهنة، بل كان مغامرة محفوفة بالتحديات والمخاطر، بحثاً عن اللؤلؤ الذي كان أحد أهم مصادر الثروة. ولتسهيل رحلات الغوص، استخدم البحارة أدوات خاصة، مثل الدّين وهو حبلٌ قوي يُساعد الغواص في الصعود سريعاً إلى سطح الماء بعد انتهاء الغوص والفطام الأشبه بأداة صغيرة تُوضع على الأنف لمنع دخول الماء أثناء الغوص، ما يُمكّن الغواص من حبس أنفاسه فترة أطول، والخبط وهي تقنية يدوية تُستخدم لالتقاط المحار مباشرة من قاع البحر، معتمدة على مهارة الغواص ودقته في البحث.

تفاعل الجمهور

واستطاعت الورش جعل الحضور يقترب أكثر من هذا العالم العريق، وأعينهم مليئة بالدهشة والإعجاب، بعضهم لمس الأدوات القديمة بيده، والبعض الآخر طرح أسئلة حول تفاصيل لم يكن يعرفها من قبل، وعندما تحدث النوخذة يوسف عن رحلات الغوص الطويلة ومعاناة البحارة في مواجهة التيارات القوية وأسماك القرش، وقف الحضور منبهرين، وكأنهم يعيشون تلك التجربة بأنفسهم.

وفي حديثه عن هذا التفاعل، قال النوخذة يوسف: «سعادتي لا توصف وأنا أرى الجيل الجديد يتفاعل مع هذا التراث. البحر لم يكن مجرد مصدر رزق، بل كان مدرسة علمتنا الصبر والتحمل والشجاعة. وأرى في أعين الزوار رغبة حقيقية في التعرف على هذا التاريخ العريق، وهذا ما يجعلني أواصل هذه المهمة بكل حب».

البحر ذاكرة

واختتم النوخذة يوسف يومه بابتسامة عميقة، وكأنه عاد للحظة إلى أيام شبابه عندما كان يبحر في رحلات الصيد الطويلة، حيث كانت تجربته في مهرجان الظفرة البحري أكثر من مجرد عرض، بل كانت رسالة لأجيال جديدة، تذكّرهم بأن البحر لم يكن يوماً مجرد ماء، بل حياة كاملة صنعت تاريخ أمة.


عرض حي

تجسيداً للمثل الذي يقول: «التجربة خير برهان»، خُتمت الورش بعرض حي شارك فيه مجموعة من البحارة، حيث استعرضوا أمام الجمهور كيفية استخدام أدوات الصيد القديمة. وبخطوات واثقة وقف النوخذة يوسف يوجه البحارة، بينما رمى أحدهم الليخ بحركة احترافية، وسحب آخر القراقير التي امتلأت بالأسماك، بينما أوضح النوخذة أسرار كل خطوة، فكان المشهد كأنه فيلم تاريخي ينبض بالحياة، زاده حماسة تصفيق الجمهور وانبهارهم.

يوسف العلي:

. البحر لم يكن مجرد مصدر رزق، بل كان مدرسة علمتنا الصبر والتحمل والشجاعة.

Share


تويتر


close