هدنة غزة تعزز الآمال بانتظام حركة الملاحة عبر قناة السويس – الجريدة

توقعات بتعافي تدريجي لحركة الملاحة في الربع الثاني من العام الجار

استطلع “صدي العرب” آراء نخبة من خبراء النقل البحري بشأن توقعات عودة حركة الملاحة في منطقة البحر الأحمر إلى مستوياتها الطبيعية التي كانت سائدة قبل اندلاع حرب غزة الأخيرة.

 وأكد الخبراء أن الوضع الملاحي في المنطقة تأثر بشدة نتيجة الأحداث الأخيرة، إلا أن التوصل إلى هدنة ووقف إطلاق النار من شأنه أن يخلق أجواء أكثر استقرارًا قد تسهم في تعافي الحركة التجارية وعودة الخطوط الملاحية إلى قناة السويس تدريجيًا.

هدنة غزة وتأثيرها التدريجي على الملاحة البحرية

أكد أحمد الشامي، خبير اقتصاديات النقل البحري، أن الهدنة في غزة تمثل تطورًا إيجابيًا سيؤدي إلى تعزيز استقرار المنطقة، مشيرًا إلى أن تأثيرها على حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر وقناة السويس لن يكون فوريًا، بل سيكون تدريجيًا على مدار الأشهر القادمة. 

وأضاف في تصريحات لـ”السوق العربية” أن هناك توقعات بتعافي تدريجي لحركة الملاحة وعودة جزئية للخطوط الملاحية إلى قناة السويس مع بداية الربع الثاني من العام الجاري، في حال استمرار الاستقرار الأمني.

وأوضح الشامي أن السبب الرئيسي لتأخر استئناف الخطوط الملاحية لعملياتها في المنطقة هو حالة عدم اليقين السياسي والأمني. ورغم أن قناة السويس تعتبر أفضل الطرق البحرية من حيث السرعة والتكلفة مقارنة بطريق رأس الرجاء الصالح، إلا أن بعض شركات الشحن تفضل التريث قبل العودة لاستخدام هذا المسار البحري الاستراتيجي. 

وتوقع الشامي أن تظل رسوم عبور السفن عبر قناة السويس مستقرة حتى نهاية يونيو المقبل، مع احتمالية انخفاض نوالين الشحن خلال الربع الثاني من العام الجاري نتيجة تحسن الأوضاع الملاحية.

ترقب الخطوط الملاحية للعودة إلى البحر الأحمر

من جانبه، أوضح أحمد مصطفى، نائب رئيس منظمة الفياتا، أن الخطوط الملاحية الدولية لا تزال في حالة ترقب حذر قبل اتخاذ قرار العودة للإبحار في البحر الأحمر، وذلك نتيجة المخاوف الأمنية من تعرض السفن لأي هجمات جديدة. 

وأضاف أن قناة السويس تظل الخيار الأمثل من حيث التكلفة والوقت مقارنة بطريق رأس الرجاء الصالح، الذي شهد ارتفاعًا حادًا في أسعار نوالين الشحن بنسبة تجاوزت 300% بفعل الأزمات العالمية، وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية وحرب غزة.

وأشار مصطفى إلى أن شركات الشحن الدولية تأمل في العودة إلى استخدام قناة السويس باعتبارها المسار الملاحي الأكثر كفاءة من حيث تقليل تكاليف النقل البحري، لكنه أكد أن هذا القرار يعتمد بشكل أساسي على مدى استقرار الأوضاع الأمنية في المنطقة خلال الفترة المقبلة.

مخاوف شركات الشحن وتأجيل خطط العودة

بدوره، أكد حازم أبو النيل، مدير التسويق وعلاقات المستثمرين بشركة الإسكندرية لتداول الحاويات، أن استئناف الخطوط الملاحية لعملياتها في منطقة البحر الأحمر لن يتم بشكل فوري. 

وأوضح أن عددًا من الخطوط الملاحية الكبرى، من بينها “ميرسك” و”هاباج لويد”، قد أعلنوا عن استمرار تعليق مسارات الشحن عبر البحر الأحمر في الوقت الراهن، وذلك بسبب رغبتهم في التأكد من أن المنطقة أصبحت آمنة ومستقرة تمامًا.

وأشار أبو النيل إلى أن الخطوط الملاحية قد تعلن عن خططها المستقبلية في أبريل المقبل، والتي قد تتضمن استمرار الاعتماد على طريق رأس الرجاء الصالح أو العودة إلى قناة السويس إذا استقرت الأوضاع الأمنية. 

وأضاف أن أسعار نوالين الشحن من المتوقع أن تشهد استقرارًا حتى نهاية يونيو، إلا أنه أشار إلى أن العودة إلى الأسعار السابقة للأزمة تبدو صعبة بسبب الاضطرابات المستمرة في سلاسل الإمداد العالمية.

تأثير المنافسة وتوقعات حركة الملاحة في 2025

من جهته، قال محمد علي، خبير اللوجستيات ومستشار وزير النقل السابق، إن الخطوط الملاحية بحاجة إلى فترة زمنية لإعادة ترتيب جداولها التشغيلية وتعديل خططها التشغيلية بما يتناسب مع الوضع الجديد في منطقة البحر الأحمر. 

وأكد على أن حركة الملاحة من المتوقع أن تنتظم بشكل ملحوظ خلال الربع الثاني من عام 2025، في حال استمرار الهدوء الأمني والسياسي في المنطقة.

وأشار إلى أن معدلات عبور السفن عبر قناة السويس قد تتأثر سلبًا خلال الفترة المقبلة بعد إعلان شركتي “ميرسك” و”هاباج لويد” عن مشروع مشترك للإبحار عبر طريق رأس الرجاء الصالح خلال العام الجاري. 

وأوضح أن هذه الخطوة تأتي في إطار استراتيجية لإعادة توزيع سلاسل الإمداد بعيدًا عن منطقة البحر الأحمر، التي تعتبرها الشركات الكبرى منطقة غير مستقرة حتى الآن.

واختتم علي تصريحاته بالتأكيد على أهمية تحقيق استقرار شامل في المنطقة لضمان عودة حركة الملاحة إلى مستوياتها الطبيعية، مشيرًا إلى أن التعاون بين الحكومات وشركات الشحن الدولية سيكون حاسمًا في تحقيق هذا الهدف.

close