نمو قوي يقوده الاستهلاك المحلي وفجوة متزايدة في الناتج المحلي الإجمالي
الجمعة 31 يناير 2025 | 12:21 مساءً
الاقتصاد الأميركي يتفوق على الصين في 2024 للعام الثالث على التوالي
واصل الاقتصاد الأميركي تفوقه على نظيره الصيني في عام 2024، مستفيدًا من قوة الاستهلاك المحلي رغم التحديات التضخمية، ليحافظ على صدارة ترتيب أكبر اقتصادات العالم.
وأظهرت بيانات مكتب التحليل الاقتصادي الأميركي، الصادرة يوم الخميس، أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة ارتفع بنسبة 5.3% قبل احتساب تأثير التضخم، مقارنة بنمو 4.2% للاقتصاد الصيني، وفقًا للأرقام الرسمية الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء في الصين قبل أسبوعين.
التضخم في أميركا والانكماش في الصين يعززان الفجوة
تشير التحديات المتباينة التي يواجهها أكبر اقتصادين في العالم إلى اتساع الفجوة بين مستويات نمو الناتج المحلي الإجمالي. ففي حين تأثر الاقتصاد الأميركي بارتفاع معدلات التضخم، مما دفع الاحتياطي الفيدرالي إلى اتباع سياسة نقدية متشددة في عامي 2022 و2023، تعاني الصين من الانكماش الاقتصادي، حيث شهد ما يُعرف بـمخفض الناتج المحلي الإجمالي تراجعًا في الأسعار منذ منتصف عام 2023.
ويُعتبر هذا التناقض عاملاً رئيسيًا في تفسير تفوق الاقتصاد الأميركي، حيث أدى التضخم المرتفع إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، بينما شكل الانكماش الصيني تحديًا لنمو الاقتصاد الثاني عالميًا.
النمو الصيني يفقد زخمه رغم الفجوة في دخل الفرد
عادةً ما تحقق الدول النامية معدلات نمو اقتصادي أسرع خلال سعيها للحاق بالاقتصادات المتقدمة، لكن الصين تواجه تحديات بنيوية تبطئ من زخمها.
وبحسب بيانات البنك الدولي، بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الصين 12,614 دولارًا في 2023، مقابل 82,769 دولارًا في الولايات المتحدة، مما يعكس فجوة شاسعة في القوة الشرائية بين مواطني البلدين.
ورغم ذلك، يواجه الاقتصاد الصيني تحديات كبرى، أبرزها أزمة العقارات التي أضعفت ثقة المستهلك وأثرت على النمو، مما دفع صناع القرار في بكين إلى تبني سياسات تحفيزية لإنعاش الاقتصاد.
من “الأسمنت إلى السيليكون”.. تحول اقتصادي صعب للصين
يرى توم أورليك، كبير خبراء الاقتصاد في “بلومبرغ إيكونوميكس”، أن الاقتصاد الصيني يمر بـ”مرحلة انتقالية مؤلمة ولكنها ضرورية”، حيث يتحول النمو من الاستثمار في البنية التحتية والعقارات إلى الابتكار والتكنولوجيا.
ويضيف أورليك:
“الولايات المتحدة تستمر في التفوق عالميًا، حيث جاء نموها مدعومًا بالتضخم، مما يعزز من تقدمها على الصين. ومع ذلك، لا يزال السباق بين أكبر اقتصادين في العالم قائمًا”.
الولايات المتحدة تتفوق على أوروبا أيضًا
لم يكن التفوق الأميركي مقتصرًا على الصين، بل امتد ليشمل أوروبا، حيث أظهرت بيانات فرنسا وألمانيا يوم الخميس انكماشات اقتصادية خلال الربع الأخير من 2024، مما يعكس تباطؤًا عامًا في الاقتصادات المتقدمة، باستثناء الولايات المتحدة.
وكان الاستهلاك المحلي هو المحرك الرئيسي للنمو الأميركي، مدفوعًا بزيادة الأجور وتحسن سوق العمل، حيث ارتفع عدد الموظفين الأميركيين بأكثر من 2.2 مليون شخص خلال العام الماضي، بينما زاد متوسط الأجر بالساعة بنسبة 1% في ديسمبر بعد تعديل التضخم.
العجز التجاري الأميركي يتفاقم رغم قوة الاستهلاك
رغم الأداء القوي للاقتصاد الأميركي، فإن العجز التجاري لا يزال يمثل تحديًا، حيث أدى الطلب القوي إلى زيادة الواردات، مما رفع العجز التجاري السلعي إلى 1.1 تريليون دولار خلال الفترة من يناير إلى نوفمبر 2024، وفقًا للبيانات الأولية.
وكانت الصين من بين المستفيدين من هذا الوضع، حيث نمت صادراتها إلى الولايات المتحدة بنسبة 2.2% خلال العام الماضي، ما ساهم في تسجيل فائض تجاري قياسي بلغ 992 مليار دولار لبكين في 2024، رغم ضعف الطلب المحلي الصيني.