يضم متحف زايد الوطني، الذي يمثل معلماً بارزاً وصرحاً شامخاً يقف في منطقة السعديات بأبوظبي، مجموعة من الكوادر الإماراتية التي تمتلك خبرات متميزة في مختلف المجالات، ومن هذه الكوادر فاطمة منصور التميمي، التي قادها شغفها بالمقتنيات التاريخية والأثرية للتخصص في ترميمها وحفظها وإعادة الرونق والبريق للقطع واللقى الأثرية، ولتتولى رئاسة وحدة الحفظ والترميم في متحف زايد الوطني بعد سنوات من الخبرة في هذا المجال.
وأوضحت التميمي لـ«الإمارات اليوم» أنها التحقت بالعمل في المتحف منذ عامين، وقبل ذلك التحقت بالعمل في دائرة أبوظبي للثقافة والسياحة في عام 2010، حيث كانت من أولى الإماراتيات اللاتي عملن في مجال الحفظ والترميم، ومن خلال عملها في الدائرة أتيحت لها الفرصة للتواصل والتعامل مع العديد من الخبراء والمختصين، بما أسهم في إثراء خبراتها في هذا المجال، كما استطاعت تكوين صورة واضحة عن هذا القطاع في الإمارات، لافتة أن الدعم الكبير من قيادة الإمارات للشباب، أتاح لها فرصة التعاون مع متاحف عالمية كبرى للاطلاع على تقنيات الترميم والحفظ في العالم، إلى أن أكملت دراستها في الفترة من 2016 – 2018، وحصلت على درجة الماجستير من بريطانيا في الحفظ والترميم في الفنون الورقية.
وأعربت التميمي عن فخرها كونها جزءاً من فريق العمل في صرح ضخم، مثل متحف زايد الوطني، الذي يحمل اسم الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ويحقق رؤيته ورؤية قادة الإمارات في الحفاظ على تاريخ الدولة وتراثها، وهو أمر يمثل حافزاً مهماً لها ولكل العاملين فيه لتقديم أفضل ما لديهم لتنفيذ هذه الرؤية، ومواصل العمل وفق مقولة الشيخ زايد الشهيرة: «من ليس له ماض ليس له حاضر أو مستقبل».
استدامة التاريخ
وأشارت التميمي إلى حرص المتحف على الجمع بين المحافظة على تراث وتاريخ وبيئة الدولة من جهة، واتباع أعلى المعايير العالمية في مجال الحفظ والترميم من جهة أخرى، كما يسعى للتفاعل مع المجتمع، ونشر الوعي لدى أفراده بكيفية الحفاظ على التراث وعلى القطع الأثرية والمقتنيات، خصوصاً أن هناك شريحة عريضة من المقتنين الذين يمتلكون قطعاً ذات قيمة كبيرة، ويحرصون على الحفاظ عليها والعناية بها، وهو ما يحقق استدامة التراث والتاريخ عبر الأجيال، ولذلك أطلق المتحف برنامجاً رائداً للتدريب على الحفاظ على التراث، بهدف تزويد أفراد المجتمع بالمعرفة والمهارات المتخصصة التي تساعدهم في الحفاظ على تراثهم الثقافي، مضيفة: «وجدنا أن هناك غياباً للفرص التدريبية في مجال الحفاظ على التراث أو الترميم في دولة الإمارات أو المنطقة، لذلك يُعد هذا البرنامج، الذي يهدف إلى تمكين المجتمع الإماراتي من حماية تراثه الثقافي والحفاظ عليه، يمثل إضافة قيمة ستسهم في إعداد جيل جديد من المحترفين في مجال العمل المتحفي في دولة الإمارات»، لافتة إلى أن النسخة الأولى من البرنامج، التي أنجزت في نوفمبر 2024، شهدت مشاركة 18 شخصاً في ورش عمل مكثفة، بالتعاون مع مؤسسات تعليمية وصناعية دولية مرموقة، وجمع المتدرب بين الجانبين النظري والعملي، مع التركيز على التحليل العلمي لكل قطعة لاختيار أسلوب الترميم والمواد والأدوات المناسبة لها، بما يحفظ مكانة هذه القطعة وتاريخها وخصائصها الأصلية.
تفاعل كبير
وأعربت التميمي عن سعادتها بتفاعل المتدربين مع البرنامج، حيث حرص البعض على إحضار مقتنيات قيمة يحتفظون بها لترميمها وحفظها، فأحضر أحد المتدربين مخطوطة قيّمة، كما أحضرت أخرى قلادة ذهبية قديمة تعود ملكيتها إلى جدتها، وتحرص الأسرة على حفظها وتوارثها من جيل إلى جيل، وهو ما يعكس ثقة المتدربين بالبرنامج والقائمين عليه، وحرصهم على اقتناء قطع ذات قيمة تاريخية وتراثية، والحفاظ عليها، كما يعكس حاجة المجتمع لهذا البرنامج، مشيرة إلى أن برنامج التدريب تضمن كل خطوات صون وترميم المقتنيات وفق أفضل الطرق، بداية من التعامل مع القطعة وطريقة حملها، خصوصاً القطع الكبيرة والضخمة، وكيفية فحصها لوضع خطة التعامل معها والمواد المستخدمة، وصولاً إلى تعلم كيفية كتابة تقرير كامل بكل الخطوات التي تم اتباعها حتى المرحلة النهائية، مع ضرورة الحفاظ على القطعة والمراحل التي مرت بها بفعل مرور الزمن والعوامل المختلفة لتروي قصتها لمن يشاهدها.
وأوضحت أن البرنامج منح المتدربين الفرصة لزيارة مختبر الترميم في متحف زايد الوطني، والاطلاع على بعض القطع التي تم العمل عليها، ومعرفة المراحل التي تمر بها كل قطعة، وكيف يتم حفظ هذه القطع بعد فحصها، والآلات والأجهزة التي يتم استخدامها في العمل.
مهارات بشرية
أوضحت رئيسة وحدة الحفظ والترميم في متحف زايد الوطني، فاطمة منصور، أن عملية الترميم تحديداً تعتمد بشكل كبير على العنصر البشري والمهارات اليدوية، وكيف يتعامل الخبير مع القطعة بحرص ودقة شديدين مثل الطفل الصغير، ويقوم بتحديد العلاج المناسب لها وتنفيذه، لأن القطعة وحالتها تفرضان كيفية التعامل معها، في المقابل تسهم التقنيات الحديثة والأجهزة المتطورة في فحص القطع، وتحليل تاريخها وفهمه، ولكن يظل العنصر البشري هو البطل في هذا المجال، وقد يشهد المستقبل توظيف التقنيات المتطورة بشكل أكبر، بفضل التطور السريع الذي يشهده هذا القطاع.
فاطمة التميمي:
. فخورة بكوني جزءاً من فريق العمل في صرح ضخم يحمل اسم الوالد المؤسِّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
. هناك شريحة عريضة من المقتنين الذين يمتلكون قطعاً ذات قيمة كبيرة، ويحرصون على الحفاظ عليها، ما يحقق استدامة التراث والتاريخ.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news